فصل: قال الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الأخفش:

سورة ص:
{ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} قال: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فيزعمون أن موضع القسم في قوله: {إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرٌّسُلَ} (14).
{كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} وقال: {وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} فشبهو {لاتَ} ب {ليسَ} واضمروا فيها اسم الفاعل ولا تكون {لاتَ} إِلاَّ مع {حِين} ورفع بعضهم {وَلاتَ حينُ مناصٍ} فجعله في قوله مثل ليسَ كأنه قال ليسَ أَحَدٌ واضمر الخبر. وفي الشعر: من الخفيف وهو الشاهد الرابع والستون بعد المئتين:
طَلَبُوا صُلْحَنَا وَلاَتَ أَوَانٍ ** فَأجَبْنَا أَنْ لَيْسَ حينُ بقاءِ

فجرّ أَوانٍ وحذف وأمضر الحين واضاف الى أَوانٍ لأنَّ {لاتَ} لا تكون إلا مع الحين.
{أَجَعَلَ الآلِهَةَ الهًا وَاحِدًا إِنَّ هذالَشَيْءٌ عُجَابٌ} وقال: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ الهًا وَاحِدًا} كما تقول: اَتَجْعَلُ مِئةَ شاهدٍ شاهدًا واحدًا.
{رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} وقال: {فَطَفِقَ مَسْحًا} أيْ: يَمْسَحُ مَسْحًا.
{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} وقال: {رُخَاءً} فانتصاب {رُخاءً}- والله أعلم- على رَخَّيْناهَا رُخَاءً. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة ص:
مكية كلها.
{وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} أي ذي الشرف. مثل قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ} [سورة الأنبياء آية 10].
ويقال: فيه ذكر ما قبله من الكتب.
{وَشِقاقٍ} عدواة ومباعدة.
{وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} أي لات حين مهرب. والنوص: التأخر في كلام العرب.
والبوص: التقدم. قال امرؤ القيس:
أمن ذكر ليلى إذ نأتك ** تنوص فتقصر عنها خطوة وتبوص

وقال ابن عباس: ليس حين نزو، ولا فرار.
{عُجابٌ} وعجيب واحد. مثل طوال وطويل، وعراض وعريض وكبار وكبير.
{فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ} أي في أبواب السماء، إن كانوا صادقين.
قال زهير:
ولو نال أسباب السماء بسلم

وقال السدي: في الأسباب: في الفضل والدين قال أبو عبيدة:
تقول العرب للرجل- إذا كان ذا دين فاضل-: قد ارتقي فلان في الأسباب.
وقال غيره: كما يقال: قد بلغ السماء.
وأول هذه السورة مفسر في كتاب تأويل المشكل.
{وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ} ذو البناء المحكم. والعرب تقول:
هم في عز ثابت الأوتاد. وملك ثابت الأوتاد يريدون أنه دائم شديد.
وأصل هذا أن البيت من بيوتهم يثبت بأوتاده.
قال الأسود بن يعفر:
في ظل ملك ثابت الأوتاد

وقال قتادة وغيره: هي أوتاد كانت لفرعون، يعذب بها الرجل، فيمده بين أربعة منها، حتى يموت.
{والْأَيْكَةِ} الغيضة.
{أُولئِكَ الْأَحْزابُ} يريد الذين تحزنوا على أنبيائهم.
{ما لَها مِنْ فَواقٍ} قال قتادة: ما لها من مثنوية.
وقال أبو عبيدة: من فتحها أراد: ما لها من راحة ولا إفاقة. كأنه يذهب بها إلى إفاقة المريض من علته ومن ضمها جعلها: فواق ناقة، وهو: ما بين الحلبتين. يريد ما لها من انتظار.
والفواق والفواق واحد- كما يقال: جمام المكوك وجمامه- وهو: أن تحلب الناقة، وتترك ساعة حتى ينزل شيء من اللبن، ثم تحلب. فما بين الحلبتين فواق. فأستعير الفواق في موضع التكمث والانتظار.
{عَجِّلْ لَنا قِطَّنا} والقط: الصحيفة المكتوبة، وهي: الصك.
وروي في التفسير: أنهم قالوا ذلك- حين أنزل عليه: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ} [سورة الحاقة آية: 19 و25] و{بشماله} يستهزئون. أي عجل لنا هذا الكتاب قبل يوم الحساب. فقال اللّه: {اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ}.
{إِنَّهُ أَوَّابٌ} رجاع تواب.
{وفَصْلَ الْخِطابِ} يقال: أما بعد. ويقال: الشهود والأيمان، لأن القطع في الحكم بهم.
{تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ} أي صعدوا.
{وَلا تُشْطِطْ} أي لا تجر علينا. يقال: أشططت، إذا جرت. وشطت الدار: إذا بعدت: فهي تشطّ وتشطّ. وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ أي قصد الطريق.
{فَقالَ أَكْفِلْنِيها} أي ضمها إلى واجعلني كافلها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ أي غلبني في القول.
ويقال: صار أعز مني. عاززته فعززته، وعزّني.
{بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ} أي مضمومة إلى نعاجه، فاختصر.
ويقال: إلى بمعنى مع.
{والْخُلَطاءِ} الشركاء.
{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى} تقدما وقربة.
{والصَّافِناتُ الْجِيادُ} الخيل. يقال: هي القائمة على ثلاث قوائم، وقد أقامت اليد الأخرى على طرف الحافر من يد كان أو رجل. وهذا قول بعض المفسرين.
والصافن- في كلام العرب: الواقف من الخيل وغيرها.
قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم: «من سرّه أن يقوم الرجال له صفونا، فليتبوّأ مقعده من النار»، أي يديمون له القيام.
{فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ} أي أقبل يمسح بضرب سوقها وأعناقها.
{وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} يقال: شيطان. ويقال: صنم.
{رُخاءً} أي رخوة لينة {حَيْثُ أَصابَ} أي حيث أراد من النواحي. قال الأصمعي: العرب تقول: أصاب الصواب، فأخطأ الجواب.
أي أراد الصواب.
{الْأَصْفادِ} الأغلال، في التفسير.
{هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ} أي فأعط أو أمسك. كذلك قيل في التفسير سورة المدثر. ومثله: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} أي لا تعط لتأخذ من المكافأة أكثر مما أعطيت. قال الفراء أراد: هذا عطاؤنا، فمن به في العطية. أراد أنه إذا أعطاه فهو منّ. فسمّي العطاء منا.
{النُّصُبِ} والنصب واحد- مثل حزن وحزن- وهو: العناء والتعب.
وقال أبو عبيدة النّصب: الشر. والنصب الإعياء.
{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} أي اضرب الأرض برجلك. ومنه ركضت الفرس.
و{المغتسل} الماء. وهو: الغسول أيضا.
و{الضغث} الحزمة من الخلى والعيدان.
{أَتْرابٌ} أسنان واحدة.
{الغساق} ما يسيل من جلود أهل النار وهو الصديد. يقال: غسقت عينه، إذا سالت ويقال: هو البارد المنتن.
{وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ} أي من نحوه، {أَزْواجٌ} أي اصناف.
قال قتادة: هو الزمهرير.
{مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا} أي من سنة وشرعه.
{أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا} أي كنا نسخر منهم. ومن ضم أوله جعله من السخرة. أي يتسخرونهم ويستذلونهم كذلك قال أبو عبيدة. اهـ.

.قال الغزنوي:

ومن سورة ص:
{ذِي الذِّكْرِ} ذي الشّرف، أو ذكر الأنبياء والأمم، أو ذكر جميع أغراض القرآن، وجواب القسم محذوف ليذهب فيه القلب كلّ مذهب، فيكون دليله أغزر وتجوزه أزجر.
{فِي عِزَّةٍ} منعة، وقيل: حميّة الجاهلية.
{شِقاقٍ} خلاف وعداوة.
{لاتَ حِينَ مَناصٍ} ليس حين ملجأ، ولا تعمل لات بالنصب إلا في الحين وحده لأنّها مشبّهة ب ليس فلا تقوى قوة المشبّه به.
{وفِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} التّنصر، لأنها آخر الملل.
{أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ} فيمنعونك ما منّ اللّه به عليك من الرسالة.
{فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ} أي: إلى السّماء فليأتوا منها بالوحي إلى من يشاءوا.
{جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ} بشارة بهزيمتهم، فكانت يوم بدر.
وما صلة مقوية للنكرة المبتدأة.
{ذُو الْأَوْتادِ} ذو الأبنية العالية كالجبال التي هي أوتاد الأرض. أو ذو الملك الثابت ثبات الوتد في الجدار.
{ما لَها مِنْ فَواقٍ} بالفتح والضم مثل غمار النّاس وغمارهم، بل الفواق ما بين الحلبتين مقدار ما يفوق اللّبن فيه إلى الضّرع ويجتمع.
و{الفواق}- بالضم- مصدر كالإفاقة مثل الجواب والإجابة، فالأول مقدار وقت الراحة والثاني نفي الإفاقة عن الغشية.
{عَجِّلْ لَنا قِطَّنا} حظّنا، أي: ما كتبت لنا من الرزق. وقيل: من الجنّة. وقيل: من العذاب.
وعقب الطبري- رحمه اللّه تعالى- على الأقوال السالفة بقوله: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن القوم سألوا ربهم تعجيل صكاكهم بحظوظهم من الخير أو الشر الذي وعد اللّه عباده أن يؤتيهموها في الآخرة قبل يوم القيامة في الدنيا استهزاء بوعيد اللّه.
{ذَا الْأَيْدِ} ذا القوّة في الدين، فكان يقوم نصف كلّ ليلة ويصوم نصف كلّ شهر.
{كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} يرجّع التسبيح معه. وقيل: رجّاع إلى ما يريده.
{وَفَصْلَ الْخِطابِ} علم الحكم بين الناس، أو قطع ما خاطب بعض بعضا.
{نَبَأُ الْخَصْمِ} يتناول العدد والفرد لأنّه لفظ المصدر، والمصدر للجنس.
{تَسَوَّرُوا} أتوه من أعلى سوره، وجاء تَسَوَّرُوا، وهما اثنان لأن الاثنين جمع لأن الجمع ضم عدد إلى عدد.
{وَلا تُشْطِطْ} أشطّ في الحكم: عدل عن العدل وبعد عن الحق. شطّت به النّوى: تباعدت.
وشأنها أنّ جماعة من أعدائه تسوّروا محرابه وقصدوه بسوء في وقت غفلة، فلما رأوه متيقظا انتقض تدبيرهم، فاخترع بعضهم خصومة أنهم قصدوه لأجلها، ففزع منهم، فقالوا: لا بأس.
{خَصْمانِ} فقال داود: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ.
أي إن كان الأمر كما تقول، فحلم عنهم وصبر مع الأيد وشدّة الملك.
{وَخَرَّ راكِعًا} وقع من ركوعه إلى سجوده.
{وَأَنابَ} إلى اللّه شكرا لما وفّقه من الصّبر والحلم.
{فَاسْتَغْفَرَ} لذنوب القوم، أو قال: ربّ اغفر لي ولهم.
{فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ} أي: لأجله.
وقيل في تأويل خطيئته: إنّ الخصم لما قال: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ كان الواجب أن يسأله تصحيح دعواه، أو يسأل الخصم الآخر عنه، فعجّل وقال: {لَقَدْ ظَلَمَكَ} وإن ثبت حديث أوريا، فخطيئته خطبته على خطبته، أو استكثاره من النساء، ويكون {فَغَفَرْنا لَهُ} بعد الإنابة وإن كانت خطيئته مغفورة فتكون مغفرة على مغفرة.